كيف تؤثِّر القيادة الإيجابية في الفريق؟

تحتاج المنظمات اليوم على اختلاف حجمها وطبيعة عملها إلى قيادات قادرة على تحمل المسؤولية الأساسية، التي تتجلى بتحقيق أهداف المنظمة وأداء أعمالها بكفاءة ونجاح وفاعلية؛ فالقيادة اليوم هي معيار نجاح المنظمات، وممَّا لا شك فيه أنَّ المنظمة لا يمكن أن تسير وفق منظومة متكاملة يسودها العدل دون وجود قيادة حكيمة؛ فالحكمة التي لطالما سعت إلى تحسين الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والشخصي أصبحت الآن تتعامل مع المنظمات والقيادات تعاملاً خاصاً.



أصبحت القيادة اليوم معقدة وكثيرة المهام؛ فالقادة مطالبون بدراسة التنظيم وسلوكات الجماعة فيه وتشكيل فرق العمل التي أصبحت ضرورية لأي منظمة للتكيف مع بيئة الأعمال المتغيرة والتي يسودها التنافس، والقيادة الحكيمة بصفتها من النظريات الحديثة في القيادة هي مُحفِّز أساسي لتنمية المرؤوسين؛ فالقادة الحكماء يعملون على اتخاذ القرارات عن وعي تام، فضلاً عن أنَّ وجود الحكمة يساعدهم على تمييز جوانب الحياة المختلفة وإيجاد السبل الصحيحة في التعامل معها؛ فالحكمة تعني وجود التنسيق بين الشخصية والعقل، وبين القيم الأخلاقية والمعرفة؛ فحكمة القائد تأتي دائماً بآثار إيجابية.

مفهوم القيادة الحكيمة:

تُعرف الحكمة بوجود مستوى مرتفع من المعرفة والتحكم والضبط الذاتي والنصيحة، وتتضمن التوازن بين المعرفة والقيم الأخلاقية، وتجيب الحكمة عن الأسئلة والموضوعات الهامة في الحياة، وتسعى إلى توظيف الخير في البحث عن سعادة الأفراد ورفاهيتهم، فالحكمة بمنزلة تطبيق للإبداع والذكاء وتوظيفها لتحقيق المصلحة العامة؛ وذلك من خلال مساعدة الفرد على تحقيق التوازن بين نفسه والبيئة الخارجية.

تُعرف القيادة بأنَّها عملية تفاعل تتم بين القائد والمرؤوسين بغية إنجاز بعض الأهداف التنظيمية المشتركة، كما تُعرف بأنَّها عملية التأثير التي يقوم بها القائد في مرؤوسيه وإقناعهم وحثهم على المساهمة الفاعلة في أداء نشاط تعاوني، أو هي القدرة على التأثير في اتجاهات التابعين وقيمهم بهدف إحداث التغيرات في المنظمة؛ فالقيادة عملية ثنائية الاتجاه قطباها القائد والمرؤوسين.

القيادة الحكيمة على حسب تعبير (Cox & McCann) هي الوعي بمكان العمل والقدرة على توقُّع عواقب داخلية والتوصل المعقول إلى النتائج استناداً إلى الإشارات البيئية المحتملة، فالقيادة الحكيمة هي القادرة على اختيار الأهداف المناسبة وتطوير الأساليب واختيار التقنيات وتشكيل فرق العمل بنجاح لاستيعاب المعرفة وتجسيدها.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة في الإدارة و القيادة الحكيمة

أبعاد القيادة الحكيمة:

مهام القيادة الحكيمة وتتضمن:

1. توليد الموارد:

يكون ذلك من خلال الاعتماد على المشاريع الإنتاجية والتوظيف الناجح لرأس المال البشري.

2. الحفاظ على قواعد السلوك السليم وإشاعة العدالة:

ففي حال غياب القوانين المناسبة يبقى القائد هو المصدر الأساسي لتحقيق العدالة.

3. الحماية من التهديدات الداخلية والخارجية:

فالقائد ملزم باتخاذ الإجراءات كلها لحماية المنظمة والعاملين فيها من أي تهديد أو خطر داخلي أو خارجي.

الأمور التي يجب على القائد الحكيم القيام بها والأمور التي يجب أن يمتنع عنها:

1. الالتزام بالواجبات الأخلاقية:

يكون التزام القائد بواجباته الأخلاقية من خلال التزامه بالعدل وعدم التحيز والتأني في اتخاذ القرار ودعم كل مظلوم.

2. تشكيل فرق عمل فاعلة:

يجب على القائد الحكيم امتلاك القدرة على تشكيل فرق عمل فاعلة وتطوير عملها والقدرة على مكافأة الجيد ومعاقبة المُسيء.

3. تجنُّب إقامة علاقات مع الأشخاص الضارين للمنظمة وفرق العمل:

فالشخص الضار سوف يعرف أسرار المنظمة ونقاط قوتها وضعفها ويستطيع الإساءة لها إن أراد ذلك.

إقرأ أيضاً: القائد الرشيق: قدرة القائد على التكيف

الحكمة الشخصية للقائد:

  • ضبط النفس: يجب أن يكون القائد قادراً على ضبط النفس والانضباط في الوقت نفسه، ويستطيع القائد تحقيق ذلك عن طريق التخلي عن رغباته والابتعاد عن التفاخر والغضب.
  • تحديد الغرض من اتخاذ الإجراءات.
  • التدريب المستمر والتعود على الانضباط.
  • التفكير الإيجابي وامتلاك عادات الفكر من استقصاء واستدلال وتأمُّل وتذكُّر.

كيف تؤثِّر القيادة الإيجابية في الفريق؟

  1. القيادة الحكيمة تملك استراتيجية ورؤية واضحة، وهذا يجعل خطوات العمل واضحة أمام أعضاء فريق العمل، فالقيادة الحكيمة قادرة على إيصال أفكارها بسهولة وسلاسة لأعضاء الفريق.
  2. القيادة الإيجابية قادرة على تزويد العاملين بروح الحماسة وزيادة رغبتهم في العمل؛ فاعتمادها سياسة الباب المفتوح ونمط الاتصالات من شأنه تحقيق التفاهم وتحقيق الانسجام بين القائد وأعضاء فريق العمل من جهة وبين أعضاء فريق العمل مع بعضهم من جهة أخرى.
  3. القيادة الإيجابية قادرة على إشعار المرؤوسين بأهمية الأعمال التي يقومون بها ومساعدتهم على إظهار ثقتهم بأنفسهم.
  4. العدالة: تقوم القيادة الحكيمة على العدل بين المرؤوسين، وتنصر المظلوم وتعاقِب الظالم، وهذا يشجع كل فرد على العمل بجهد؛ لأنَّه يعلم أنَّ حقه محفوظ دائماً.
  5. القيادة الإيجابية تسهم في بناء الخبرة الملموسة للفريق: فالاحتكاك مع الفريق يدفعهم إلى تحديد ما يحتاجون إلى تعلُّمه، إضافة إلى دفعهم نحو مناقشة الموضوعات والأفكار على نطاق واسع دون أن يشعروا بالخوف.
  6. تخفض القيادة الحكيمة حدة العداوة والبغضاء بين المرؤوسين.
  7. القيادة الحكيمة تنشئ جواً من العمل يساعد على تنمية ملكة الابتكار والمبادرة وتُحرِّر قدرات المرؤوسين وتساعدهم على تحقيق الأهداف المطلوبة منهم؛ ومن ثَمَّ تساعد على نجاح المنظمة.
  8. القيادة الحكيمة تمنح الفرصة للمرؤوسين للمشاركة في اتخاذ القرار؛ إذ تعمد إلى طرح الموضوعات أمامهم والاستماع والإنصات لآرائهم بكل اهتمام، الأمر الذي يمنحهم الثقة بأنفسهم ويجعلهم يجتهدون في عملهم دائماً.
  9. القيادة الحكيمة تعطي الفريق المعلومات وتبين المشكلة التي تواجهها وتُفوِّض فريق العمل لإيجاد الحل؛ إذ يشعر أعضاء الفريق بوجود قيادة متعاونة وينتشر جو من التعاون لتقديم الحلول؛ فالقيادة الحكيمة هنا لا تتخذ القرار وحدها؛ بل تُشرك فريق العمل.
  10. القيادة الحكيمة تدفع أعضاء الفريق إلى الشعور بالأمن والأمان، فهي لا تُعدُّ أسلوب العقاب أساس الإدارة؛ بل إنَّها تستخدم العقاب في أضيق حد له وعند اشتداد الحاجة إليه فقط، هذا بالضبط يبعث الطمأنينة في نفوس أعضاء الفريق ويمنحهم الأسباب لزيادة الإنتاجية.
  11. أسلوب تعامل القيادة الحكيمة يزيد من شعور أعضاء فريق العمل بالانتماء والولاء للتنظيم؛ فشعور المرؤوس بأنَّ القيادة تهتم لأمره ولما يحدث معه وتبحث عن راحته من خلال سعيها الدائم إلى تحقيق مطالبه وإشباع حاجاته؛ سوف يزيد من انتمائه للتنظيم.
  12. الأساليب التي تعتمدها القيادة الحكيمة تؤدي إلى زيادة التماسك بين أفراد فريق العمل.
  13. القيادة الحكيمة تعمل على تحفيز أعضاء الفريق باستمرار؛ إذ يعمل التحفيز على تنشيط الطاقة الكامنة لدى الأفراد ويحسِّن من الوضع المادي والنفسي والاجتماعي للفرد العامل، إضافة إلى تعزيز الرضى لدى العاملين وتوجيه سلوكاتهم نحو تنفيذ الأهداف؛ فالتحفيز يدفع كل عضو من أعضاء الفريق إلى الشعور بأنَّه جزء لا يتجزأ من المنظمة.
  14. القيادة الحكيمة تساعد أعضاء فريق العمل على التعامل مع حالات الإحباط التي يتعرضون لها، سواء أكانت في العمل أم في حياتهم الشخصية؛ إذ تقدم ما تستطيع في سبيل مساعدتهم.
  15. القيادة الحكيمة تعمل على توجيه أعضاء الفريق وتوحيدهم؛ إذ تنظم جميع القوى البشرية الموجودة في الفريق وتوجِّه سلوكها وتضبطه؛ فغالباً ما يضم فريق العمل أفراداً مختلفين في العمر وفي الشهادة العلمية، والقيادة الحكيمة هي التي تستطيع إيجاد نقاط الاشتراك بينها واتخاذها منطلقاً لعمل الفريق.
  16. تعمل القيادة الحكيمة على تنمية الروح المعنوية لأفراد فريق العمل وتمكينهم من الأداء بحرية، واختيار أفضل الأساليب التي تناسبهم على تنفيذ العمل المطلوب وإثبات قدراتهم الذاتية الفردية.
  17. القيادة الحكيمة تعمل باستمرار على تطوير مهارات أعضاء فريق العمل وإكسابهم المعارف ومساعدتهم على استثمار ما تعلَّموه في تطوير العمل.  
  18. تدفع القيادة الحكيمة فرق العمل إلى بناء أيديولوجيات جديدة في المستقبل؛ فهي مصدر إلهام للأشخاص الذين يرغبون في المُضي قُدماً نحو الأمام.
إقرأ أيضاً: فن القيادة: كيف نصبح أشخاصاً قياديين؟ وما هي معايير القائد الناجح؟

في الختام:

لا بُدَّ من وجود القيادة الحكيمة في المجتمع البشري؛ إذ تعمل على تنظيم حياتهم وإقامة العدل بينهم، وبالضرورة نفسها مطلوب وجودها في المنظمات؛ فهي حلقة الوصل بين العاملين وبين المنظمة وتصوراتها المستقبلية والأهداف التي تريد تحقيقها، وهي القادرة على تعميم الجو الإيجابي والتخلص من الأجواء السلبية والمُحبِطة، التي تُضعف الإنتاجية، كما أنَّها قادرة على حل مشكلات العمل ورسم الخطط ورعاية الأفراد وتدريبهم واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواكبة التغيرات السريعة في العام لتحافظ على تنافسية المنظمة. 

القيادة الحكيمة هي البوتقة التي تنصهر فيها المفاهيم والاستراتيجيات والسياسة كلها، وتركِّز دائماً للوصول إلى القمة؛ لكنَّها تدرك جيداً أنَّ الطريق نحو القمة مملوء بالمخاطر، ومع ذلك فهي تمتلك من الحكمة ما يكفي لتجاوزها، ومع كل الإيجابيات التي تحققها القيادة الحكيمة في العمل، فإنَّها لا تخلو من السلبيات ومنها: عدُّ رضى القائد أهم من تحقيق الرؤية الموضوعة للمنظمة، كما أنَّ مغادرة القائد في أحيان كثيرة تعني مغادرة الرؤية التي وضعها ولا سيما إن كانت مرتبطة بهويته.




مقالات مرتبطة